حديث: الشهر هكذا وهكذا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين". رواه البخاري (1814) ومسلم (1080).

وهذا  لا يعني  نفيا لتعلم علم الحساب، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع لنا هذه القاعدة في حساب الشهر على مدار العام مطلقا إلا ما ورد فيه تخصيص وهما هلالان فقط في السنة:

١- هلال دخول رمضان

٢- هلال الفطر

لأن دخول رمضان وخروجه يتأكد بمشاهدة الهلال أقره لنا نبينا محمد صلى الله عليه لا يحق لنا تركه واتباع الحساب الفلكي

حيث ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطرتم، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما.

وفي الموضوع أحاديث عديدة تؤيد ذلك الشرط،

ومن هنا يتبين للحاذق أن البداية من نهاية شعبان مع بداية رمضان وقد يتم إتمام شهر رمضان إذا لم ير هلال الفطر وتكون البداية

من الشهر الذي يليه

وورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التقدير

للشهر عند الغمام

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطرتم، فإن غما عليكم فاقدروا له». 
 [صحيح]- [متفق عليه]

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان، فضرب بيديه فقال: الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، ثم عقد إبهامه في الثالثة، فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثون. [وفي رواية]: فإن غما عليكم فاقدروا ثلاثين نحو حديث أبي أسامة.

الراوي: عبد الله بن عمر/ المحدث: مسلم/ المصدر: صحيح مسلم/ الصفحة أو الرقم: 1080/ خلاصة حكم المحدث: [صحيح]/ التخريج: أخرجه البخاري (1907)، ومسلم (1080) بمعناه

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية مشترطا استهلال الناس الهلال في السماء للصيام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا رأيتموه)

والشهر لما اشتهر بينهم؟ ولم يشترط رؤية الهلال لإدخال الشهر

وإن  فلكي زماننا يشترطون رؤية الهلال بالأشهر الحرم بدون دليل ، فالاجتهاد المبني على غير دليل حتما سيقع فيه الخطأ وتزيد أيام السنة.

فالمتأمل لحديث رسول -صلى الله عليه وسلم- "الشهر هكذا وهكذا…"

يجد أن عدد أيام العام القمري ٣٥٤ يوما

كما أقر بذلك أهل العلم الفلكي

بينما أهل الحساب الفلكي عندما يحصل التكرار المخل لثلاثة شهور يكون عدد أيام العام القمري ٣٥٦ يوما وقد يزيد، بخلاف حساب الواقع والسبب هو التمسك بقاعدة أن الشهر لا يثبت حتى يعقب الهلال الشمس عند المغيب بعد الاقتران حتى ولو غاب بعد الشمس في مكان مجاور.

أما علماء الحديث  لا يشترط عليهم معرفة علم الحساب لأن الحساب غير مرتبط بأحاديث رسول الله صلى الله عليه، وإنما الحساب هو موضوع ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه مدار صلاح الحياة في العبادات والمعاملات، وإن علم الحساب  لا يمنع تعلمه والاجتهاد بما ورد حسب ما ذكر من أدلة علمية وشرعية

ومن المعجزات التي يتضمنها هذا الحديث أإن خطأ الحساب واقع لا محالة حتى في زمن تطور العلم،  وحالت الأمة شاهد في السابق والحاضر

والأمية في الحديث: نص على عدم معرفة الناس في ذلك الوقت لحساب سير الشمس والقمر، وهذا  لا يعني نفي تعلم الحساب

قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون) [يونس: 5]،

وقوله صلى الله عليه وسلم: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة، والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين) يعني الشهر يعني فسر ذلك أهل الحديث مرة ٢٩ ومرة ٣٠

، ففي هذا الحديث نص على أن الكون وسير الكواكب فيه_ومنه حركة القمر_في قمة الدقة، وهي تسير حسب نظام دقيق لا يختل ولا يخطئ، فلا يمكن أن يزيد الشهر على ثلاثين يوما أو ينقص عن تسعة وعشرين، وهذا هو الحساب بذاته.

قال تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم} [التوبة: 36]،

ومع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (السنة اثنا عشر شهرا). فهذه الأدلة تدل على أن التوقيت السنوي والشهري توقيفي من عند الله تعالى، لا يمكن تغييره ولا تعديله، فطول السنة القمرية اثنا عشر شهرا،

والله أعلم وأحكم

الباحث الشرعي الفلكي أ. ماجد ممدوح الرخيص