خلق الله في الأرض الجبال، والأشجار والأنهار والثمار والسهل والوعر

قال الله تعالى: { اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ* وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }


يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه : أنه الذي بإذنه وأمره رفع السماوات بغير عمد ، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدا لا تنال ولا يدرك مداها ، فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها ، مرتفعة عليها من كل جانب على السواء ،



قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله الذي مَدَّ الأرض, فبسطها طولا وعرضًا .

والأرض بقول الله جل جلاله ممدودة وليست كروية كما يزعم بعض الفلاسفة ومن تبعهم

وجعلها سبحانه مسطوحة ومدحية وفراشا،...

يقولون بأن الأرض كروية ولو كانت ممدودة تنتهي بطرف، وهذا تعليل عليل لأنهم أساسا لم يدركوا نهاية الأرض ، نهايتها من الشرق والغرب بحار ومن الشمال والجنوب أقطاب، فهم لايستطيعون تجاوز ذلك، فمن أراد التجاوز يهلك.

* * *

وقوله: (وجعل فيها رواسي) يقول جل ثناؤه: وجعل في الأرض جبالا ثابتة.

* * *

و " الرواسي: " جمع " راسية "، وهي الثابتة, يقال منه: " أرسيت الوتد في الأرض ": إذا أثبته, كما قال الشاعر:

بــهِ خَــالِدَاتٌ مَـا يَـرِمْنَ وهَـامِدٌ

وَأشْــعَثُ أرْسَــتْهُ الوَلِيـدَةُ بِـالفِهْرِ

يعني: أثبتته .

* * *

وقوله: (وأنهارًا) يقول: وجعل في الأرض أنهارًا من ماء .

* * *

وقوله: (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) فـ(من) في قوله (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) من صلة (جعل) الثاني لا الأول .

* * *